اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 359
الامتناع من الطعام دليل على قصد المكروه لصاحبه وَأَوْجَسَ واهمز مِنْهُمْ خِيفَةً خوفا ورعبا حتى أحسوا منه الخوف وعلامات الرعب قالُوا تسلية له وازالة لرعبه لا تَخَفْ منا إِنَّا وان كنا من اهل الإنذار والإهلاك قد أُرْسِلْنا إِلى إهلاك قَوْمِ لُوطٍ مالنا معك شغل
وَحين قالوا له ما قالوا امْرَأَتُهُ اى سارة حاضرة قائِمَةٌ لخدمة الأضياف فَضَحِكَتْ بعد ما سمعت قولهم فرحا وسرورا لأنها كانت تقول اضمم إليك لوطا فانى اعلم ان البلاء ينزل على هؤلاء المسرفين فَبَشَّرْناها اى سارة تفضلا وامتنانا بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ ولده يَعْقُوبَ أب الأنبياء
قالَتْ سارة بعد ما سمعت منهم التبشير مستحية مستغربة يا وَيْلَتى ويا هلكتي وفضيحتي أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ قد مضت علىّ تسع وتسعون سنة وَهذا بَعْلِي شَيْخاً فانيا ابن مائة وعشرين سنة وبالجملة إِنَّ هذا التوالد بيننا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ غريب خارق للعادة ان وقع
قالُوا ازالة لشكها وتعجبها أَتَعْجَبِينَ وتستبعدين مِنْ أَمْرِ اللَّهِ القادر المقتدر بالقدرة الكاملة وحكمه وحكمته أمثال هذا اى التوالد بينكما تفضلا وامتنانا وما هذا الا رَحْمَتُ اللَّهِ اى انواع فضله وجوده وَبَرَكاتُهُ اى خيراته الكثيرة النازلة عَلَيْكُمْ يا أَهْلَ الْبَيْتِ يعنى اهل بيت الخلة والنبوة إِنَّهُ سبحانه في ذاته حَمِيدٌ يفعل دائما ما يوجب الحمد له مَجِيدٌ محسن كثير الإحسان والانعام المستجلب لانواع المحامد والاثنية
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ اى الخوف والرعب بتسلية الرسل إياه وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بما لا ترقب له فيه أخذ يُجادِلُنا اى يجادل مع رسلنا ويناجى معنا فِي حق قَوْمِ لُوطٍ وأخذنا إياهم وما حمله على المجادلة والمناجاة إلا فرط اشفاقه ورقة قلبه
إِنَّ إِبْراهِيمَ في نفسه لَحَلِيمٌ غير عجول على الانتقام كظيم الغيظ والغضب صبور على عموم المصيبات أَوَّاهٌ كثير التأوه والتأسف من الذنب الصادر عنه مُنِيبٌ رجاع الى الله في جميع حالاته فقاس حالهم على نفسه فأخذ يجادل في حقهم مؤملا انابتهم ورجوعهم قال الرسل له بوحي الله إياهم
يا إِبْراهِيمُ المتحقق بمقام الخلة أَعْرِضْ عَنْ هذا الجدال وانصرف عن مدافعة حكم الله المبرم المحكم إِنَّهُ اى الشان قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وثبت منه الحكم بهلاكهم ولا تنفعهم مجادلتكم وممانعتكم وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عن قريب عَذابٌ حتم جزم غَيْرُ مَرْدُودٍ بتقويك وحمايتك وَاذكر يا أكمل الرسل
لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً على اشكال مرد ملاح صباح متناسبة الأعضاء وهم ما رأوا طول عمرهم أمثال هؤلاء في الصباحة واللطافة وكمال الرشاقة سِيءَ بِهِمْ اى ساء مجيئهم على هذه الأشكال لوطا ومن آمن معه وَضاقَ مجيئهم على هذه الصور البديعة بِهِمْ ذَرْعاً قد شق واشتد على لوط والمؤمنين امر حفظهم وحضانتهم لأنهم عالمون بقبح صنيع قومهم لو علموا مجيئهم لقصدوا بهم ولهم ايضا مكروها واشتد عليهم ايضا مدافعتهم وإخراجهم إذ هم قد نزلوا ضيفا فاضطر لوط في أمرهم وشأنهم وتحير وَقالَ متأوها متضجرا متأسفا هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ شديد مظلم في غاية الشدة والظلمة
وَبعد ما انتشر خبر نزولهم جاءَهُ قَوْمُهُ متجسسين يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ويطوفون حول بيته سريعا ويطلبون فرصة الدخول عليهم ويحتالون لدفع لوط والمؤمنين وَهم قوم خبيث مِنْ قَبْلُ قد كانُوا من غاية خباثتهم يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ الخارجة عن مقتضى العقل والنقل والمروة وحين اضطر لوط من تبخترهم وترددهم ولم ير في نفسه مدافعتهم ومقاومتهم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 359